مقال اعجبني ..

العمر : 32 تاريخ التسجيل : 30/05/2010

بقلم : وفاء جناحي تكبير الخط

كلما ذهبت إلى أي مجلس عزاء (خلف) تذكرت شكل صديقتي العزيزة هالة كمال الدين وهي تسألني: (هو في إيه؟ عزا ده والا فرح؟) كأنها عادل إمام في مسرحية شاهد ما شافش حاجة، فقد ذهبت معها قبل سنوات لنعزي إحدى الصديقات ورأتهن يقدمن البقلاوة والحلوة والعصائر الملونة والشاي والقهوة وغيرها، فدُهِشت كثيرا وسألتني باستنكار(ايه ده عصائر ملونة وحلاوة وحاجات كتيرة هما فرحانين عشان أمهم ماتت والا إيه؟) فلم أتمالك نفسي وضحكت وقلت لها هذه العادات الجديدة وحب المظاهر (الكذابة) التي أصبحت تتطور يوما بعد يوم في مجالس العزاء في البحرين.
ذهبت منذ فترة بسيطة لأؤدي واجب العزاء فقلت في نفسي (يا نهار اسود ومنيل بستين نيله، هاي لو كانت هاله معاي اليوم جان انهارت) ففي خلال نصف ساعة رأيت ما لذ وطاب من السندويشات الصغيرة بأشكال غريبة وعجيبة

، بالإضافة طبعا لأشكال جميلة من (الكاب كيك) الكيكات الصغيرة وحلويات منوعة كأنني جالسة في أرقى كوفي شوب في البحرين،

هذا طبعا غير المشروبات الغريبة المتنوعة ولكن بصراحة أحلى شيء أصبحت أحبه وأدمنه في مجالس العزاء (الخلف) شاي حليب بالزعفران.

طبعا كل هذا خلاف بوفيهات الغداء والعشاء فكل يوم ولمدة سبعة أيام بوفيهات من مطاعم مختلفة مع الجرسونات، كأننا في مسابقة دولية حيث التباهي بطلب بوفيهات من أرقى وأفضل المطاعم. أقسم إنني كنت سأقف أنا وأصرخ في وسط العزاء وأكرر سؤال صديقتي الغالية هالة (هو في إيه؟ عزا ده والا فرح؟). أموت وأعرف كيف يفكر أصحاب العزاء في طلب الأكل والحلويات والبوفيهات وهم منكوبون بأبشع خبر؟ كيف تفارقني أغلى البشر على قلبي أمي حبيبتي ونور عيني وحياتي وأجلس أفكر مع أقاربي من أين أطلب الأكل والحلويات للناس؟ لا أستطيع أبدا أن أضع نفسي مكان هؤلاء.
أمي الغالية كانت تغضب مني عندما ادخل في أي مجلس عزاء وخصوصا (إذا كان من الأهل) بدون حجاب فكنت دائما أقول لها: يا أمي أنا لست محجبة أصلا والعزاء كله نساء فلماذا الحجاب إذاً؟ المهم هو احترام أصحاب البيت في التصرفات واحترام حزنهم بالبساطة سواء بالملبس أو الشكل العام. أما الآن فقد أصبحت تنهرني لو ذهبت لأي عزاء من دون كحل، أعتقد أن الجميع يعلم لماذا فلو أردنا متابعة أحدث صيحات الموضة في العباءات والشيلات والشنط الماركات (والفرست كوبي) والإكسسوارات والساعات فمجالس العزاء هي أنسب مكان للفرجة، ولو أردنا أن نتعلم كيفية وضع ماكياج الناعم للعين من دون (البراطم) اقصد احمر الشفاه فما لكن إلا مجالس العزاء.
خرجت من مجلس العزاء مع أمي وأنا في حالة ذهول ولكنني لم أشأ أن أعكر مزاجها ولكنني فوجئت عندما سمعتها تقول في البيت أمام أخواتي: لا أريدكن أن تحولن عزائي إلى ساحة لعرض الأزياء، لا أريدكن أن تحملن هم إطعام ناس تأتي للعزاء لمجرد الأكل والنميمة في خلق الله، لا أريد أن تشعر أي واحدة منكن بحسرة وانتن ترين النساء يضحكن ويمزحن في عزائي وانتن تحترقن من الداخل (فللأسف هذا ما يحدث في معظم مجالس العزاء حاليا).
في النهاية أحب أن أسأل النساء اللاتي يتفقن مع رفيقاتهن على أن يعزين فلانة أو علانة في أوقات الدوام مع بعض لأنهن يرغبن في تغيير روتين العمل (الشردة حلوة في الصباح من الشغل) هل تحببن أن تتكلم النساء عنكن بحسرة أو يتفقن على أكل الفطور أو الغداء أو العشاء في عزائكن من دون أن يشعرن بأي حزن لموتكن؟
هذا بعض ما يحدث في عزاء النساء، يا ترى ماذا يحدث أو ماذا تغير في مجالس عزاء الرجال؟